عُدت من الأراضي المُقدَّسة بعد أداء العمرة، وبدل أن أُعطيَ الأهلَ والأصدقاء هدايَا كما تعود الناس أعطيتُهم نُقودًا، فهل يصحُّ أن أَحسب هذه النقود مِن زكاة المالِ أم لابدَّ مِن توزيع الزكاة على الفقراء والمَساكين؟

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فالزكاة أحد أركان الإسلام الخمسة، وكل ركن له طريق مرسوم في الأداء لا يجوز الخروج عنه، وما أظن أن واحدًا يقول بجواز ما ذكره السائل؛ لأن الجميع يعلم أن الزكاة كالصلاة لابد فيها مِن النِّيَّة لأنها عمل والأعمال بالنِّيَّاتِ، وللزكاة مصارفُ تُوجَّه إليها حدَّدها القرآن الكريم في سورة التوبة، قال تعالى: (إنَّمَا الصدَقاتُ للفقراءِ والمَساكينِ والعاملينَ عليها والمُؤَلَّفَةِ قُلوبُهمْ وفِي الرقابِ والغَارِمِينَ وفِي سَبِيلِ اللهِ وابنِ السبيلِ فريضةً مِنَ اللهِ).
فمَا فَعَلْتَه مِن تَوزيعِكَ النقودَ بدل الهدايا على الأهل والأصدقاء لا يجوز أن يُخصم مِن زكاة المالِ؛ لأنك لم تُخرجه ناويًا إخراج الزكاة، ولأن مَن أعطيتَهم هم أهلٌ وأصدقاءُ يأخذون اليوم ليَرُدُّوا غَدًا، فهم ليسوا مِن الفُقراء والمَساكين.
ويَدفعني عَجَبي لأقول: أتجعل ما ليس فرضًا سببًا لإسقاط فرضٍ؟ الهدايا شيءٌ تَعارَفَه الناس وليس مَفروضًا مِن ربِّ الناس، فمَن أهدَى فله الردُّ مِن المُهدَى إليه، ومَن لم يَهْدِ فلا تثريبَ عليه ولا تَقصيرَ منه، أيُجعَلُ ذلك سببًا لمَنْع الزكاة في هذا العام جُزئها أو كُلِّها؟ هذا لايجوز. انتهى كلام الشيخ
المحرر: تنص الفتوى على عدم اعتبار الهدية زكاة لعدم وجود نية مسبقة على أنها زكاة ، كما أن الزكاة لا تعطى إلا للفقراء على عكس الهدية التي تعطى لأي أحد.
لكن يجوز دفع الزكاة للفقراء بنية الزكاة على شكل هدية، إن رأى المزكي ذلك مناسباً لنفسية الفقير، وهذا ما نحبذه، وعندها تصبح الهدية وسيلة لا أكثر ولا أقل، ومن ثم فلا تدخل هذه الصورة في عدم الجواز لاختلافها عن صورة السؤال.
والله أعلم.

إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- الأستاذ الدكتور عبد الرزاق محمد فضل الأستاذ بجامعة الأزهر