كان لي دفتر توفير وتراوح المبلغ المودع به إلى عشرة آلاف جنيه لمدة 5 سنوات ولم أقم بسداد زكاة المال حيث كان هذا المبلغ كان مجنباً لزواجي وبعد الزواج أردت أن أقوم بسداد هذه الزكاة عن الفترة الماضية فقمت بحسابها وعندما أردت سداده قيل لي انه يمكن أن تدفع هذه الزكاة إلى الأخوات إذا ما كانوا في حاجة إليها فتذكرت أنني كنت أقوم بسداد المصروفات الخاصة بإخوتي في التعليم وقد بلغت المبالغ التي أنفقتها عليهم نظرا لعدم مقدرة الوالد لتحمل كافة هذه النفقات أكثر من مبلغ الزكاة ذاته وقال لي أحد العلماء أن هذه المبالغ المنفقة على الأخوة يمكن احتسابها من الزكاة مستندا إلى القول ( يثاب المؤمن رغم أنفه) أرجو التكرم.. هل يمكن احتساب المبالغ التي تم إنفاقها على إخوتي في فترة تعليمهم من الزكاة أم لا؟ مع العلم أنني لو كنت اعلم جواز إعطاء الزكاة للأخوة لكان ذلك وقت إعطائي إياهم هذه المصروفات.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فيقول الشيخ جعفر الطلحاوي من علماء الأزهر الشريف:
أولاً: في الحديث الشريف:"إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى"، والنية المحتسبة شرعا، هي التي تكون عند مباشرة الفعل واقعا، وعليه فإن ما قدمت لإخوتك من مصروفات تكفي لتغطية نفقات التعليم، لا تحسب من الزكاة، لعدم نيتك ذلك عند إخراجك لها، هذه واحدة.
ثانياً: عندما كنت تقوم بتغطية نفقات التعليم لإخوتك، لم يكن هذا المبلغ محرزا عندك، والأصل في إخراج الزكاة توفر شروط منها؛ بلوغ النصاب، مرور الحول الهجري، الملكية التامة، فراغ الذمة من الانشغال بدين يستغرق المال الموجود تحت يدك.
ثالثاً: وما أفتاك به بعضهم من أن المرء يثاب رغم أنفه، لا مجال لهذا القول هنا، لأنك عندما كنت تنفق على تعليم إخوتك، ما كنت مرغما على ذلك، وإنما كان ذلك منك حبا وكرامة، وبرا منك بوالدك الذي ما كان في ذات يده يكفي لإغناء إخوتك عن ما قدمته إليهم، وإنما مجال هذا التعبير "يثاب المرء رغم أنفه" يكون في شيء يفعله المؤمن بغير اختياره وبغير إرادته، وعلى كل فلك أجرك في مساهمتك مع والدك في تعليم إخوتك، وأجرك على ذلك مضاعف، ففيه أجر الصدقة وأجر الصلة، إلا أن هذه الصدقة لما لم تتوفر وراءها نية الزكاة، فليست من الزكاة المفروضة وإنما هي من الصدقة والصدقة أعم من الزكاة.
رابعاً: يجوز لك أن تقدم زكاة هذه الوديعة في دفتر التوفير، إلى إخوتك إذا كانوا مستحقين فليسوا لك بأصل ولا فرع.
خامساً: احتسب ما أنفقته على تعليم أخوتك لوجه الله تعالى، واعمد إلى هذه الوديعة، وطهرها من حقوق الفقراء والمساكين، بإخراج قدر الزكاة منها،وجنب نفسك عن فسخ العزائم ونقض الأعمال، وإبطالها ولا تأتي الأعمال الصالحة دبارا، قال تعالى: {وأتوا البيوت من أبوابها}البقرة:189، والمعنى في الآية الكريمة، أن نأتي الأمور من مداخلها، ومقدماتها، والنية مكانها في بداية الأعمال رأسأ، لا بعد الفراغ منها.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- مجموعة من الباحثين