تعلمون جيداً ما يحدث لإخواننا في رفح وفلسطين من تشريد وتنكيل وإرهاب واغتيالات بل وأحداث جسام تفوق الوصف أو الخيال وحسبنا الله ونعم الوكيل. عموماً سؤالي يخص زكاة مالي التي ستكون واجبة علي بعد شهور وأرغب بشدة وكلي أمل في الله أن أتمكن من إرسال قيمة الزكاة الآن إلى إخواني المسلمين في فلسطين فهل يمكن لي تعجيل الزكاة ودفعها قبل ميعادها لأجل هذا الغرض؟
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد...
فيجوز تعجيل الزكاة، والمسارعة بدفعها، إلى مسلمي فلسطين، ويعتبر هذا واجباً دينياً لمن ملك المال والنصاب، وإليك تفصيل ذلك في فتاوى العلماء:
يقول الدكتور علي سيد أحمد أستاذ التفسير وعلوم القرآن بجامعة الأزهر:
إن دفع الزكاة مقدما جائز شرعاً، ودليل ذلك ما رواه أبو داود وغيره عن علي رضي الله عنه: أن العباس سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخص له في ذلك (رواه الخمسة إلا النسائي ).
وأجاز الحنفية وغيرهم للمالك،أن يعجل زكاته، لما أراد من السنين بدون قيد. حتى قالوا: لو كان له ثلاثمائة درهم، فدفع منها مائة درهم عن المائتين زكاة لعشرين سنة مستقبلة جاز؛ لوجود السبب، وهو ملك النصاب النامي. بخلاف العُشر فلا يجوز تعجيله قبل نبات الزرع وخروج الثمرة، وبالأولى قبل الزراعة أو الغرس، لعدم وجود سبب الوجوب.
أما تعجيل الزكاة من أجل المسارعة بدفعها إلى مسلمي فلسطين، فيعتبر واجباً دينياً، لمن ملك المال والنصاب خاصة مع توقع أن تتفاقم الأمور بشكل مأساوي، مع وجود ترتيبات لا تفي بالحد الأدنى من احتياجاتهم الإنسانية، ولا يتصور شرعاً الانتظار حتى يتعرضوا للهلاك والضياع والإبادة، وتعجيل الزكاة من أجل أي مسلم، يتعرض للجوع،أو المرض، أو الهلاك، أو للدفاع عن نفسه، هو على رأس الضرورات والأولويات، بلا قيد أو شرط.انتهى
وقد جاء عن دار الإفتاء المصرية ما نصه:
يجوز شرعا إخراج الزكاة قبل الموعد المحدد لها متى تحقق السبب، وهو ملك النصاب وقبل حولان الحول عليها، ولا سيما إذا كانت لقضاء حاجة محتاج إليها، ويعتبر هذا تعجيلا للواجب عليه، ومسارعة إلى الخير، وتحقيقا لغرض من الأغراض التي شرعت من أجلها الزكاة، وهو سد خلة المحتاج.
ولو سارع كل مسلم إلى أداء ما فرض الله عليه، وأدى ما أوجبه عليه على الوجه الأكمل، لتغير حال المسلمين ولأصبحوا في حالة أفضل من الحالة التي هم عليها الآن، ولعظم شأنهم ووصلوا إلى مدارج الكمال.
ويقول فضيلة الدكتور حسام الدين بن موسى عفانة - أستاذ الفقه وأصوله - جامعة القدس - فلسطين:
يجوز تعجيل زكاة الأموال التي يشترط لها الحول قبل حلول الحول، على الراجح من أقوال أهل العلم، وهو قول الحسن البصري وسعيد بن جبير والزهري والأوزاعي والحنفية والشافعية والحنابلة،وهو قول إسحاق بن راهويه وأبو عبيد القاسم ابن سلام وغيرهم، ويدل على ذلك أحاديث منها:
** عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ( أن العباس بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، سأل الرسول عليه الصلاة والسلام في تعجيل صدقته قبل أن تحلَّ، فرخص له في ذلك ) صحيح سنن الترمذي 1/207.
** وعن علي أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر بن الخطاب: ( إنا أخذنا زكاة العباس عام الأول للعام ) صحيح سنن الترمذي 1/207.
** وفي رواية أخرى عن علي أيضاً، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إنا كنا احتجنا فاستسلفنا من العباس صدقة عامين ) قال البيهقي: وهذا مرسل، وقد وجد في هذا الحديث المذكور عن علي رضي الله عنه، بأنه روي في الصحيحين معناه من حديث أبي هريرة السابق وروى هو أيضاً مرسلاً ومتصلاً كما سبق، وقال به من الصحابة ابن عمر، وقال به أكثر العلماء كما نقله الترمذي، فحصلت الدلائل المتظاهرة على صحة الاحتجاج به " المجموع 6/146.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- مجموعة من المفتين