كما نعرف: فإن الزراعة تحتاج إلى مصاريف كثيرة في الري والتسميد والحصاد، وغير ذلك. فهل تخصم هذه المصاريف من جملة المحصول، وتخرج الزكاة من الباقي بعد الخصم؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فلا يجوز خصم هذه التكاليف والمصاريف وفقا لمذهب الأئمة الأربعة، ولكن هناك رأي يجيز خصمها، فيمكن الأخذ به عند الحاجة الملحة، كالمزارع الذي يأتي عليه يوم الحصاد وهو فقير أو مدين أو نحو ذلك، وبخلاف ذلك لا يجوز لأن الله تعالى خفف الزكاة على الزروع التي تحتاج إلى نفقة من العشر إلى نصف العشر. ولأن الأرض نفسها معفاة من الزكاة.
يقول الشيخ عطية صقر، رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:
لا يجوز هذا الخصم عند جميع الأئمة المعروفين وهم: أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد (رحمهم الله تعالى). لكن جاء عن عبد الله بن عمر، وعن عبد الله بن عباس (رضي الله عنهم أجمعين) جاء أن: الزكاة تكون على ما بقي بعد استقطاع التكاليف، ونقله ابن حزم عن عطاء بن يسار من التابعين، ولعل وجهة نظرهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - جعل الزكاة على الزروع والثمار التي تسقى بماء السماء العشر، أما التي تسقى بتعب ومصاريف بالسواقي والماكينات، وغيرها، فالزكاة نصف العشر.
ويحصل في بعض المناطق التي تعتمد على المطر في زراعة القمح والشعير أن يستغرق العمال المستعملون على أعمال الزراعة في تقدير أجرهم قدراً كبيرا من قيمة المحصول كنصفه، وقد يستدين المزارع للإنفاق على الزرع، فيمكن العمل برأي ابن عمر، وابن عباس هو عطاء في هذه الحالة، فيسدد أجرة العمال ويقضى الدين، ثم يخرج الزكاة عن الباقي إن بلغ نصاباً. وكل هذا مع مراعاة قول الله ـ تعالى: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَّهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَّهُمْ) (سورة آل عمران: 180)، وقوله ـ تعالى: (وَمَا أَنْفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سورة سبأ: 39).
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- الشيخ عطية صقر