لي ابن متزوج، يعيش حياة عادية، فهل يجوز أن أعطيه من زكاة مالي أم لا؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن الله - تعالى - هو الذي رزق الأموال، وخلق مصادرها، فأنزل من السماء ماءً، وأحيا به الأرض بعد موتها، وأنبت فيها من كل زوج بهيج. (وهو الذي جعل لكم الأرض ذلولاً فامشوا في مناكبها وكلوا من رزقه وإليه النشور).
وقال تعالى: (وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه لحمًا طريًّا وتستخرجوا منه حليةً تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون).
وقال تعالى: (والأنعام خلقها لكم فيها دفء ومنافع ومنها تأكلون ولكم فيها جمال حين تريحون وحين تسرحون وتحمل أثقالكم إلى بلد لم تكونوا بالغيه إلا بشق الأنفس إن ربكم لرءوف رحيم).
وقال تعالى:(فلينظر الإنسان إلى طعامه أنا صببنا الماء صبًّا ثم شققنا الأرض شقًّا فأنبتنا فيها حبًّا وعنبًا وقضبًا وزيتونًا ونخلاً وحدائق غُلبًا وفاكهة وأبًّا متاعًا لكم ولأنعامكم).
وآيات كثيرة في القرآن الكريم تدل على أن مصادر الأرزاق مخلوقة لله وحده، وأنه سخرها للإنسان، وذلل له الانتفاع بها، وأعطاه القدرة والوسائل التي يستطيع بها الاستفادة من كل هذه المصادر يقول الله تعالى: (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئًا وجعل لكم السمع والأبصار والأفئدة لعلكم تشكرون).
فقدرة الإنسان وجهده وقوة أعضائه وذكاؤه وغباؤه مخلوق لله - تعالى - بالقدر الذي منحه الله إياه، ليس للإنسان دخل ولا خلق لشيء من ذلك.
ونتيجة ذلك أن مصادر الأموال ووسائل كسبها مخلوقة لله - تعالى - وبالتالي فإن الأموال كلها ملك لله - تعالى - وهو رازقها وخالق مصادرها وميسر أسبابها.
(والله هو الرزاق ذو القوة المتين) والإنسان عندما يكسب شيئًا من المال يكون له نوع اختصاص به؛ لأنه في يده، وهو مُستخلَف فيه من مالك المال وهو الله - تعالى - ويجب عليه أن يطيع الله فيما استخلفه فيه، وهو مسؤول أمام الله عن هذه الطاعة التي هي من الإيمان بالله ورسوله، قال تعالى: (آمنوا بالله ورسوله وأنفقوا مما جعلكم مستخلفين فيه..) وقد حدد الله مصارف الزكاة في كتابه الكريم.
وخلاصة القول: ليس للمزكي أن يتجاوز هذه المصارف، ويدفع الزكاة في غيرها، وليس من مصارف الزكاة أولاد الإنسان ولا آباؤه، فإن هؤلاء تجب نفقتهم على الإنسان، إن كانوا فقراء، فإذا دفع الزكاة إلى ابنه وابن ابنه وإن نزل، أو إلى أبيه وجده وإن علا فكأنما دفعها إلى نفسه؛ لأنه يوفر النفقة الواجبة عليه، وحاجة الابن تدفع من مال الإنسان، ولا تدفع من الزكاة.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- الدكتور عبد الرحمن العدوي الأستاذ بجامعة الأزهر