تقوم الجمعية الطبّية الإسلامية في طرابلس ببناء مستشفى يراعي الضوابط الشرعية فهل يصحّ دفع الزكاة لبناء هذه المستشفى؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد..
فقد حدّد الله تعالى المصارف الشرعية التي يصحّ أن تصرف إليها الزكاة وهي حسب نصّ الآية الكريمة: (الفقراء، المساكين، العاملون عليها، المؤلّفة قلوبهم، الغارمون، ابن السبيل المنقطع، في سبيل الله)
واتفق جمهور العلماء على أنّ مصرف (في سبيل الله) محدّد بالجهاد أو القتال، بينما يرى بعض العلماء - وخصوصاً المعاصرين - حمل كلمة (في سبيل الله) على كل عمل لخدمة المسلمين كبناء المساجد والمدارس والمستشفيات وشقّ الطرق وبناء الجسور وغيرها.
ويرى الدكتور يوسف القرضاوي أنّ كلمة (في سبيل الله) ليست محصورة بالقتال، ولكنّها تشمل كلّ أنواع الجهاد. وبناءً على ذلك قد يكون بناء مدرسة إسلامية في أحد البلاد جهاد في سبيل الله يدخل تحت مصارف الزكاة كما لو كانت المدارس الموجودة في هذا البلد تحت يد المبشّرين أو العلمانيين اللادينيين، فإنّ بناء مدرسة إسلامية تحصّن أبناء المسلمين من هذه الانحرافات يعتبر من أعظم أبواب الجهاد ويصحّ دفع الزكاة فيه، بينما لا يصحّ ذلك في بلد إسلامي تقوم به المدارس الرسمية بهذا الدور.
ومثل ذلك يقال في بناء المستشفيات الإسلامية وغيرها من المشاريع.
يقول الدكتور القرضاوي: (إنّ ميزانية الجيوش والدفاع في عصرنا - وكذلك في العصور السابقة - تقع على عاتق الدولة وتتطلّب نفقات هائلة تنوء بها الزكاة). ولهذا فهو يرى توجيه هذا المصرف إلى أنواع أخرى، كالجهاد الثقافي والتربوي والإعلامي وغيره بشرط أن يكون جهاداً خالصاً لله ولدينه.
إنّي أعتقد أنّ هذا الاجتهاد صحيح وهو يراعي الهدف الأصلي من إجازة صرف الزكاة (في سبيل الله) كما يراعي واقع الإسلام والمسلمين في هذا العصر الذي وجدت فيه أبواب أخرى كثيرة - إلى جانب القتال - تعتبر من أعلى أنواع الجهاد في سبيل الله وتحتاج إلى إنفاق كبير، وإذا لم ينفق عليها من مال الزكاة فستتعطّل.
ومن الأمثلة التي ذكرها الدكتور القرضاوي واعتبرها من جهاد العصر وأجاز فيها صرف الزكاة:
1 - إنشاء المدارس الإسلامية التي تعتمد التربية الإسلامية مع العلوم العصرية.
2 - إنشاء المستشفيات الإسلامية التي تراعي الضوابط الشرعية.
3 - إنشاء مراكز للدعوة إلى الإسلام وتبليغ رسالته في ديار الغرب.
4 - إنشاء مراكز إسلامية داخل بلاد الإسلام تحتضن الشباب المسلم وتقوم على توجيهه وحمايته من الإلحاد والانحراف.
5 - إنشاء ودعم الصحف الإسلامية، ونشر الكتب الإسلامية.
6 - تفريغ الدعاة والعاملين للإسلام في المجالات المذكورة وأمثالها.
بناء ً على ما سبق فإنّي أرى - مع أستاذنا الدكتور يوسف القرضاوي - جواز صرف الزكاة في بناء مستشفى إسلامي في طرابلس، خاصة إذا كان فيه استفادة للمرضى الفقراء، ويعتبر داخلاً في مصرف (في سبيل الله) لكنّي لا أرى أن يدفع المزكّي أكثر من سبع زكاته لهذا المصرف، ويحرص على صرف الباقي للفقراء ولسائر المصارف الشرعية.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء