ما أصناف الزروع والثمار التي كانت تؤخذ منها الزكاة على عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) ولماذا أصبحنا ندفع الزكاة على انواع ماكان الصحابة يدفعون عليها الزكاة؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فقد أجمع العلماء على أخذ الزكاة من القمح والشعير والتمر والزبيب. وهذه الأصناف الأربعة لا خلاف في وجوب الزكاة فيها لأن الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بأخذ الزكاة منها. فكانت تؤخذ منها الزكاة في عهده صلى الله عليه وسلم وحتى الآن، وأما ما عدا ذلك كالخضراوات والفواكه وسائر الزروع فمختلف فيها، لكن الراجح إخراج الزكاة فيها استنادًا إلى قوله تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِن طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُم مِّنَ )، ولأنها أصبحت تمثل ثروة زراعية، ويزرع منها بمساحات كبيرة وتُسوّق، كما أن ذلك فيه مراعاة لمصلحة الفقراء، وهذا هو الأنسب لحكمة التشريع.
يقول الشيخ عطية صقر رئيس لجنة الفتوى بالأزهر سابقا:
كانت الزكاة على الزروع والثمار تؤخذ أيام النبي -صلى الله عليه وسلم - من أصناف مخصوصة وردت في هذا الحديث، وهو ما رواه الدارقطني والحاكم والطبراني والبيهقي، وقال: رواته ثقاة، وهو متصل. فعن أبى بردة عن أبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل (رضي الله عنهما) أن "رسول الله - صلى الله عليه وسلم بعثهما إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم، فأمرهم ألا يأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة: الحنطة والشعير والتمر والزبيب". وهذه الأصناف الأربعة، لا خلاف بين الفقهاء في وجوب الزكاة فيها، وقال موسى بن طلحة: جاء الأثر عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خمسة أشياء: "الشعير والحنطة والسلت وهو: نوع من الشعير، والزبيب والتمر وما سوى ذلك مما أخرجت الأرض، فلا عشر فيه. وقال: إن معاذا لم يأخذ من الخضر صدقة. بناء على هذه الآثار: كان وعاء الزكاة في الزروع والثمار على عهد الرسول - صلى الله عليه وسلم - هو: الحنطة أي: القمح والشعير ونوع منه وهو: السلت والتمر والزبيب، والذي لم يأخذ منه زكاة هو: الخضر.(انتهى).
ولكن مذهب الحنفية أن في كل ما أخرجت الأرض زكاة، واحتج الإمام أبو حنيفة بقول النبي صلى الله عليه وسلم : "فيما سقت السماء أو كان عثريا العشر" رواه البخاري. فإنه عام فيؤخذ على عمومه , ولأنه يقصد بزراعته النماء. ويؤيده قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض) (سورة البقرة: 267) وقد تمسكوا بهذه الآية في وجوب الزكاة في كل الزروع والثمار. وشرط ذلك أن يقصد بالزرع الانتفاع به.
ويقول الدكتور رفعت فوزي أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم سابقاً:
زكاة الزروع التي تُسقى الأرض المزروعة فيها باستخدام الآلات هي مقدار 5% أي نصف العشر، والتي لا تسقى بآلة فيها العشر، ويستوي في ذلك الحبوب التي تخزن، وكذلك الفواكه والخضراوات. وإذا كانت الخضراوات والفواكه على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يؤخذ منها زكاة؛ لأنها لم تكن تمثل ثروة زراعية ويزرع منها بمساحات كبيرة وتُسوّق، فتدرّ ربحًا كثيرًا ربما - أو في كثير من الأحيان - أكثر من الحبوب التي تخزن، وعلى هذا فتجب فيها الزكاة بمقدار 5% من أثمانها، أي تباع ويخرج 5% زكاة للفقراء والمساكين من الأموال التي بيعت بها. (انتهى).
وعليه فالراجح هو وجوب الزكاة في كل ما تخرج الأرض وينتفع به.فهو الأنسب لحكمة تشريع الزكاة وشكر النعمة، ومراعاة مصلحة الفقراء.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- الشيخ عطية صقر