هل يجوز أداء دين الميت من الزكاة أم لا؟
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الراجح أن نصوص الشريعة وروحها لا تمنع قضاء دين الميت من الزكاة، لأنه من الغارمين الذين يجوز الوفاء عنهم.
وإليك تفصيل ذلك فيما ذكره فضيلة الدكتور القرضاوي حفظه الله:
ذكر الإمام النووي في ذلك وجهين في مذهب الشافعي:
أحدهما: لا يجوز، وهو قول الصيمري ومذهب النخعي وأبى حنيفة وأحمد.
والثاني: يجوز، لعموم الآية ولأنه يصح التبرع بقضاء دينه كالحي وبه قال أبو ثور المجموع للنووي: 6/211
وكذلك روى عن الإمام أحمد أنه لا يجوز دفع الزكاة في قضاء دين الميت، لأن الغارم هو الميت، ولا يمكن الدفع إليه. وإن دفعها إلى غريمه وهو الدائن صار الدفع إلى الغريم لا إلى الغارم. المغنى: 2/667.
والقول الثاني: يجوز، لعموم الآية، وهى تشمل كل غارم، حيًا كان أو ميتًا، ولأنه يصح التبرع بقضاء دينه.
قال الخرشي في شرحه على متن خليل: ولا فرق في المدين بين كونه حيًا أو ميتًا، فيأخذ منها السلطان ليقضى بها دين الميت. بل قال بعضهم: دين الميت أحق من دين الحي في أخذه من الزكاة. أي لأنه لا يرجى قضاؤه بخلاف الحي. شرح الخرشي وحاشية العدوى عليه: 2/218..
وقال القرطبي "قال علماؤنا وغيرهم: يقضى منها دين الميت، لأنه من "الغارمين" قال -صلى الله عليه وسلم-: (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه؛ من ترك مالاً فلأهله، ومن ترك دينًا أو ضياعًا ( العيال) والمعنى: ترك صغارًا ضائعين لفقرهم. فإلي وعلي. تفسير القرطبي: 8/185.
والذي نرجحه: أن نصوص الشريعة وروحها لا تمنع قضاء دين الميت من الزكاة؛ لأن الله تعالى جعل مصارف الزكاة نوعين: نوع عبر عن استحقاقهم باللام التي تفيد التمليك وهم الفقراء والمساكين والعاملون عليها والمؤلفة قلوبهم (وهؤلاء هم الذين يملكون) ونوع عبر عنه بـ "في" وهم بقية الأصناف: (في الرقاب والغارمين وفى سبيل الله وابن السبيل).. فكأنه قال: الصدقات في الغارمين ولم يقل: للغارمين.. فالغارم على هذا لا يشترط تمليكه وعلى هذا يجوز الوفاء عنه، وهذا ما اختاره وأفتى به شيخ الإسلام ابن تيمية.، ويؤيد هذا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من ترك دينًا أو ضياعًا فإلي وعلي. فتاوى ابن تيمية: 1/299
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- د.يوسف القرضاوي