بعض البلدان الإسلامية لا تطبق الشريعة الإسلامية في كل الحياة لكنها تقوم على نظام أخذ الزكاة وجبايتها وتوزيعها فهل لو كان الحاكم ظالماً مثلاً فهل يجوز دفع الزكاة إليه أم يضطر المسلم لدفع الزكاة مرة أخرى لأنه يلزم قانوناً بدفعها للجهات المعنية؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
فيجوز دفع الزكاة إلى الظلمة إذا أخذوا ما أخذوه بعنوان الزكاة، ولا يُكلَّف المسلم الإعادة، فإذا لم يأخذوه باسم الزكاة لم يجزئه، كما قال المالكية وغيرهم.
ويجوز دفع إلى الحاكم الظالم إذا كان يوصلها إلى مستحقيها، ويصرفها في مصارفها الشرعية، وإن جار في بعض الأمور الأخرى. فإن كان لا يضعها في مواضعها فلا يدفعها إليه إلا إن طالب بها.
جاء عن الموسوعة الفقهية الكويتية ما نصه:
إن أخذ الإمام الجائر الزّكاة قهرًا أجزأت عن صاحبها. وكذا إن أكره الإمام المزكّي فخاف الضّرر إن لم يدفعها إليه. واختلف الفقهاء فيمن كان قادرًا على الامتناع عن دفعها إلى الإمام الجائر، أو على إخفاء ماله، أو إنكار وجوبها عليه، أو نحو ذلك:
فذهب الجمهور من الحنفيّة والمالكيّة إلى عدم جواز دفعها إلى الإمام حينئذٍ، وأنّها لا تجزئ عن دافعها على التّفصيل التّالي:
فقال الحنفيّة:إذا أخذ الخوارج والسّلاطين الجائرون زكاة الأموال الظّاهرة كزكاة السّوائم والزّروع وما يأخذه العاشر، فإن صرفوه في مصارفه المشروعة فلا إعادة على المزكّي، وإلاّ فعلى المزكّي فيما بينه وبين اللّه تعالى إعادة إخراجها.
وفي حالة كون الآخذ لها البغاة ليس للإمام أن يطالب أصحاب الأموال بها ; لأنّه لم يحمهم من البغاة، والجباية بالحماية، ويفتى البغاة بأن يعيدوا ما أخذوه من الزّكاة. وأمّا الأموال الباطنة فلا يصحّ دفعها إلى السّلطان الجائر.
وقال المالكيّة: إن دفعها إلى السّلطان الجائر اختيارًا، فدفعها السّلطان لمستحقّها أجزأت عنه، وإلاّ لم تجزئه. فإن طلبها الجائر فعلى ربّها جحدها والهرب بها ما أمكن، فإن أكرهه جاز. وهذا إن كان جائرًا في أخذها أو صرفها، وسواء كانت من الأموال الظّاهرة أو الباطنة. أمّا إن كان عادلًا فيها وجائرًا في غيرها، فيجوز الدّفع إليه مع الكراهة.
أمّا الشّافعيّة فذهبوا إلى أنّه إن طلب الإمام الجائر زكاة المال الباطن، فصرفها إليه أفضل، وكذا زكاة المال الظّاهر سواء لم يطلبها أو طلبها، وفي التّحفة إن طلبها وجب الدّفع إليه.
وذهب الحنابلة إلى أنّ دفع الزّكاة إلى الإمام الجائر والبغاة والخوارج إذا غلبوا على البلد جائز سواء كانت من الأموال الظّاهرة أو الباطنة. ويبرأ المزكّي بدفعها إليهم، سواء صرفها الإمام في مصارفها أو لا. واحتجّوا بما ورد في ذلك عن بعض الصّحابة، منهم سعد بن أبي وقّاصٍ وجابرٍ وأبي هريرة وابن عمر وغيرهم.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- مجموعة من الباحثين