قرأت في بعض الكتب بأنه لا يوجد أدلة محددة توجب الزكاة في الثروة التجارية فهل هذا صحيح؟ وإن كانت هناك زكاة بالفعل فكيف يزكي التاجر ماله؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد...
الثروة التجارية أو (عروض التجارة) كما يسميها الفقهاء هي ما يعد للبيع والشّراء بقَصد الربح، كالآلات والأمتعة والثياب والمأكولات، والحلي والجواهر، والحيوانات والنباتات، والعقارات وسواها...
والزكاة في عروض التجارة واجبة بالأدلة التالية:
1 - القرآن: {يا أيُّها الَّذين آمَنُوا أنْفِقوا مِن طَيِّباتِ مَا كَسَبْتُم...} [البقرة: 267]. ومعنى الكسب هنا كسب التجارة، كما يقول أكثر المفسرين، ومنهم: الحسن ومُجاهد والطبري والرازي وغيرهم.
وكذلك الآيات التي توجب الزكاة في الأموال عامة، تشمل أموال التجارة إذ لم يأت دليل باستثنائها.
2 - السنّة: عن سَمُرة بن جُندب قال: « كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمُرنا أن نُخرجَ الصَّدقة مما نُعِدُّ للبيع»، رواه أبو داود والدارقطني وحسّنه ابن عَبد البر.
3 - إجماع الصحابة والتابعين والسلف: فقد ثبت أن عُمر بن الخطّاب رضي الله عنه، كان يأخذ الزكاة على أموال التجارة، ولم ينكر عليه أحد من الصحابة، كما نُقل القول بزكاة التجارة عن ابن عباس، وابن عمر، وعمر بن عبد العزيز، واتفق فقهاء التابعين على ذلك، ونقل ابن المنذر وأبو عبيد الإِجماع عليه، وهو رأي المذاهب الأربعة، ولم يخالف في ذلك إلّا أهل الظاهر، والشيعة الإِمامية الذين يقولون باستحباب الزكاة في عروض التجارة، بالإِضافة إلى الخمس الواجب عندهم.
شروط الزكاة في مال التجارة
1 - وجود عُنصري التِّجارة معاً وهما: البيع والشِّراء، ونية التجارة، فإذا انعدم أحد العنصرين، لم تكن تجارة، وبالتالي فلا زكاة، كما لو اشترى شيئاً للاستعمال الشخصي، أو لو نوى التجارة ولكنه لم يشترِ ولم يبع فعلاً.
2 - بلوغُ النِّصاب: أي أن تبلغ قيمة عروض التجارة نصاب النقود، والمعتبر في النصاب آخِر الحول فقط، وهو قول مالك والشافعي.
3 - عدم قيام المانع المؤدي إلى الازدواجية في الزكاة: فإذا كانت عروض التجارة مما تجب الزكاة في عينها كالماشية، فلا تجب فيها زكاتان، وفي هذه الحالة إذا بلغت نصاب الماشية تؤدي عنها زكاة الماشية، وإذا لم تبلغ النصاب هناك وبلغت نِصاب التجارة وجبت فيها زكاة التجارة، وإذا بلغت النِّصاب في الحالتين تُزكى زكاة الماشية فقط، وهذا هو المانع الذي يمنع تزكيتها زكاة التجارة.
4 - الشروط العامة الأخرى في الزكاة كالملك التام، وحولان الحول.
كيف يزكي التاجر ماله؟
1 - يعيِّن التاجر المسلم موعداً سنويّاً لدفع الزكاة، وفي هذا الموعد يحسب رأس ماله المعد للتجارة أي: البضائع المعدة للبيع، بسعرها وقت إخراج الزَّكاة ويضيف إليها كل ما معه من نُقود، وما له من ديون مرجوة، ثم يطرح من هذا المجموع ما عليه من ديون مستحقة، ويخرج عن جميع ذلك ربع العشر أو 2.5%.
2 - ولا بدّ من التنبيه إلى أن المباني والأثاث الثابت، غير المعد للبيع، لا يحسب عند التقويم، ولا تخرج عنه الزكاة، أما الأواني التي تباع مع ما فيها من البضائع فتحسب قيمتها.
3- ويخرج التاجر زكاة تجارته بقيمتها من النقود، وهذا هو رأي الشافعي، وأحمد، وأجاز الأحناف إخراج الزكاة من البضاعة التي عنده، والأفضل عند الجميع إخراجها نقوداً لأنها أنفع للفقير
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين- الشيخ فيصل مولوي نائب رئيس المجلس الأوربي للبحوث والإفتاء