هل يجوز إخراج الزكاة من منتجات المصانع (عينية) أو لا بد من إخراج القيمة؟ وما مقدارها؟
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
الأصل أن تخرج زكاة المصانع قيمة لا بضاعة، لكن يجوز إخراج زكاة المصانع على شكل بضاعة عندما يكون الفقير في حاجة إلى البضاعة، وهناك بعض الشروط الأخرى، أما مقدار زكاة المصانع فالراجح إخراج العشر من صافي الربح، قياسًا على الأرض المسقية بغير الآلة.
وإليك تفصيل ذلك في فتوى فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله
أما الجواب عن الشق الأول: فإن الأصل في الزكاة في التجارات والصناعات: أن تخرج بالقيمة أما الجواب عن الشق الأول لأن الزكاة إنما وجبت في قيمة الأشياء لا في أعيانها.
ثم إن الفقراء والمستحقين قد لا ينتفعون بأعيان الأشياء، أو لا يحتاجون إليها بالمرة أو تكون فوق مستواهم الاجتماعي، أو تكون كلفة عليهم، أو غير ذلك.
خذ مثلاً موضوع العباءات الحريرية إذا أعطيت للفقير، فقد لا يكون عنده امرأة، وقد تكون عنده ولكنها ليست في حاجة إليها، وقد تكون هذه العباءة غالية الثمن فليست مناسبة لها، وما حاجة المرأة الفقيرة إلى عباءة بألف ريال، أو بخمسمائة ريال، وهي تستطيع أن تشتري عباءة بأربعين ريالاً فقط، وهي كافية لها.
وماذا يكون الحال عند ما يكون المصنع منتجًا للسيارات، هل تعطي للفقير سيارة؟ وهو لا بقدر أن يشتري لها بنزينًا يسيرها؟
إن إخراج العين في مثل هذه الحال لا يجوز إلا في ظروف معينة، وهي حالات الكساد والذي لا يجد صاحب المصنع - ومثله التاجر - سيولة نقدية يدفع منها زكاته، وعنده أدوات أو سلع يحتاج إليها الفقير، كما لو كانت مواد غذائية ملائمة له، ويستطيع أن يستفيد منها بالاستهلاك العاجل أو التخزين إذا كان قادرًا عليه.
ولا بد أن يعرض ذلك على الفقير ويرضى به، وإلا لا يجوز إلا القيمة.
وأما الجواب عن الشق الثاني: فإن الذي انتهى إليه اجتهادنا فيه بالنسبة للمصانع ومثلها المطابع والفنادق والعمارات السكنية المؤجرة ونحوها مما أطلقنا عليه كلمة (المستغلات) ونعني بها: الأشياء التي تبقى عينها وينتفع بثمراتها وغلتها. اجتهادنا فيها:أنها بمثابة الأرض الزراعية التي تجب الزكاة فيما أخرجت ـ أو فيما أخرج الله منها ـ من زرع وثمر.
وكذلك هذه الأشياء أو المستغلات هي أموال أو أصول ثابتة، ولكنها تخرج ثمرة أو تدر ربحًا، هو بمنـزلة الزرع والثمر من الأرض.
فالواجب في صافي الربح هنا هو العشر، قياسًا على الأرض المسقية بغير الآلة، "فيما سقت السماء العشر" وصافي الربح بمثابة الزرع الذي سقته السماء.
ونعني بصافي الربح: ما ظهر في نهاية العام بعد حسم النفقات والأجور المختلفة، ومنها نفقات الصيانة، مضافًا إليها مقابل استهلاك الآلات والعقارات، مع عدم المبالغة في هذا التقدير. ثم يحسب الصافي من الأرباح، فيخرج عشره، وإن لم يوزع كله، فقد يوضع بعضه في الاحتياطات ونحو ذلك.
والواجب إخراجه في الحال، ولا ينتظر به الحول، تطبيقًا للقياس على الأرض الزراعية، وقد قال تعالى: {وآتوا حقه يوم حصاده}.
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين