إن الإسلام قد وسع أهل الكتاب ومن في حكمهم من غير المسلمين، فأعطاهم ذمة الله، وذمة رسوله، على أن يعيشوا في كنف دولة الإسلام، مصونة حرماتهم، مكفولة حرياتهم، لهم ما للمسلمين، وعليهم ما عليهم، فلماذا فرق الإسلام في الزكاة بين المسلمين وغيرهم من الأقليات، التي تستظل بظل دولتهم؟ هذا مع أن الزكاة: تكليف اجتماعي، وضريبة مالية، تُنفق حصيلتها في مساعدة الضعفاء، والمحتاجين، من رعايا الدولة؟
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
أبت سماحة الإسلام وحساسيته - في معاملة غير المسلمين واحترام عقائدهم - أن يفرض عليهم ضريبة لها صبغة دينية واضحة وإليك تفصيل ذلك فيما ذكره فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله:
ينبغي لنا أن نبيِّن، أن هنا اعتبارين لمن يتأمل حقيقة فريضة الزكاة:
الاعتبار الأول: أن الزكاة تكليف اجتماعي، وحق معلوم، للسائل والمحروم، وضريبة مالية، أوجب الله تعالى أن تؤخذ من أغنياء الأمة، لتُرَد على فقرائها، قيامًا بحق الأخوة، وحق المجتمع، وحق الله عَزَّ وجَلَّ.
الاعتبار الثاني: أن الزكاة عبادة من عبادات الإسلام، ودُعامة من الدعائم الخمس، التي قام عليها بناؤه، شأنها شأن الشهادتين، وإقامة الصلاة، وصوم رمضان وحج البيت الحرام.
وقد قرنها القرآن بالصلاة، في عشرات المواضع، وجعلها - مع التوبة من الشرك وإقامة الصلاة - مظهر الدخول في الإسلام، واستحقاق إخوة المسلمين، كما أن بعضًا من أسهم الزكاة، يُصرف في نُصرة الإسلام، وإعلاء كلمته، والمصالح العامة لدعوته، ودولته. وذلك هو سهم: "في سبيل الله" ومنها: ما يُصرف في تأليف القلوب، أو تثبيتها عليه. وذلك هو سهم "المؤلفة قلوبهم".
فإذا جاء في بعض الأحاديث: أنها تؤخذ من الأغنياء لترد على الفقراء فذلك على سبيل الاكتفاء بالمقصود الأول للزكاة، وهو إغناء الفقراء، لكن القرآن فصَّل لنا مصارف الزكاة وحددها.
ولهذا الاعتبار، أبت سماحة الإسلام وحساسيته - في معاملة غير المسلمين واحترام عقائدهم - أن يفرض عليهم ضريبة لها صبغة دينية واضحة، لأن الزكاة تعد شعيرة من الشعائر الكبرى، وعبادة من العبادات الأربع، وركنًا من الأركان الخمسة.إنتهى كلام الشيخ القرضاوي حفظه الله
من المعاني الرائعة في الإسلام أنه لم يفرض الزكاة على غير المسلمين، لأنها لاتعطى في الأصل لغير المسلمين، فكيف يجبروا على الدفع، ولم يفرض لهم من العطاء؟؟ وهذه عدالة جديرة بالاحترام
والله أعلم.
إسم المجيب أو المصدر: موقع إسلام أون لاين